إستيقضت على رائحة حلمها ورنة الحب الذي جمعها به...مشطت شعرها..لبست أحلى ثوبها وقَـبِلت بقِـسمة الفرح الذي أتى لها..
نادت على حقيبتها وخرجت لتلتقي مع من يجعلها قيد الحياة،نسِـيت في الشارع التالي أن تُرتب غرفتها الآيلة للفوضى،لطالما كان طبعها لا يفتعل النسيان..
لكن طارئ قلبها أفقدها أدائها المعهود، وجعلها تتخلى عن بعضِ أشيائها الكبيرة،
مضت بخطوات جريئة تحارب قذائف البشر نحوه،لم تبالي سِوى بقَدرها الذي ينتظرها تحت شجرةِ الكمال،
كان شعورها الساذج دليلها، فراحت تكمِّل نقصها فيه،وفي سبيل قُربه تهاوى حلمها لتختزله به.
شيئا فشيئا جوارحها تقودها لمكانه،لم يبق على وصولها لذاك الكائن المتمرد على كل أشيائها سوى موضع بضعة أقدام..هاهي ذي تستجمع قِوى جسدها و تتسابق مع قلبها الذي سبقها إليه.
بآخر الطريق وجدته يحمل كومة ورد،على ذاك المشهد الفانتازي،حاولت حفظ أقلِّ التفاصيل حتى تعود بخبر مفاجيء يصدم صديقاتها الحاسدات،
قال لها:كيف حالك حبيبتي
كل الموجودات تعرف الإجابة عن هذا السؤال إلا هي،فقد حملها الحنين إلى لجج نظراته..وفرَّ بها إلى سنابل حُلمها المستقبلي،ترتدي الفستان المرصَّع،وتجلس قرب قلبها الثاني،
تحتدم إشتعالا وشوقا في تلك ولتلك اللحظة..وفي غفوة منها..أعاد سؤاله كأَن رصيده اللغوي لا يسمح له بتغييره..
تخلت عن مُناها لتجيبَ ببساطة : تمام
قال لها دون سابق إنذار..أيمكنك القدوم معي إلى تلك الحجرة لنتحدث عن حب يخص كلينا،وأودع الورد الذي إشتراه في يديها ليخدرها.
ما يتوانى عن لكز ضعفها...سمعت مفردة الحب فدارت حول نفسها،إنهارت في ذهول،لا إذن لها أن تجيب بالنفي، بعد كل هذا الدوران.
ساقها معه وأمنيتها أن تسمع الخبر الذي ينتظره بشغف ملايين العشاق مثلها،
لا زال جنين الحب في مراحله الأولى،فكيف له أن يكبر فجأة.
إستفهام راودها،شتت أعلى رأسها في طريقها نحو قرارٍ لن تتوب من تبعياته ولو بعد عمر كامل من التوبة.
لم تلتفت لسؤال عقلها لإنهيارها العاطفي..وجنون قلبها المنفتح على ميعاد المطر وحكاية الثلج..لسوء حظها لم يكن يريد منها سوى لحظات من شهوة وإنتقام إنتظره طويلا.
ربما لم تقرأ هذا في عينيه الماكرتان..بسبب أغلال وعوده الكاذبة..ووفاءها الذي إستقته من روايات وأقاصيص الحب الأبدي وما يحتاجه من تضحيات.
هكذا غدت معه وهمها الأول دخول قلبه والفوز به لقاء هذا اليوم المتعب من مزيج المشاعر..دخلا الحجرة وهي على إستحياء تتنفس الهواء..وعلى إستحياء مارست أهوال النداء.
يا أنت ماذا تودّ فعله بي...أجاب ندائها بإندفاع رسمها كلعبة ستنتهي صلاحيتها قريبا..ما يفله الناس عزيزتي..
لم تستطع مقاومة شبقه،ولأنها منهارة قِـبلاً،إستسلمت له كمن إنتهى توا من المعركة..متعبة جدا من عواصف عاطفتها ومنها.
لعبت دور البطولة في فيلم ممنوع من العرض،قد كلفها الكثير من طاقتها،وعاث فسادا بكيانها المترف ببراءة الحب الشغوف.
تعدت حدود رغباتها عندما وقعت في شراكه.ولا يهمها في الحياة شيء حتى هوْ الآن،
إنتهى كلّ شيء بعدما أخبرها،أنه مصاب بالإيدز الذي سببته له أُخرى كان يرتجف حبا بها، وكان يضن الطهر فيها حتى أغوته إنتقاما هي الأخرى
أحبته كما لم تحبه إمرأة،وغدرها كما يغدر الأعداء...هي الآن ممدة على سرير صرخاتها ولسان حالها..لن أسامحك يا عدوّ الله.
تغيرت من تلك اللحظة،حتى أقاربها طردوها بعدما إنكشف أمرها..فكرتْ في الإنتقام وفكَّر هو في الإنتحار..
وكان لهما هذا..هي الآن تبيع عدواها لملأ الليل،وهوْ..إنتحر ضجرا بالحياة التي أصبحت لا تعنيه...
ونصيحتهما لكم..خذو حذركم..فرصيد واقعنا غير كافٍ للممارسة الحبِّ النقي.
